فصل: حكم دفع الصائل:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.حكم دفع الصائل:

إذا اعتدى إنسان على غيره في نفس أو مال أو عرض، أو صال عليه يريد ماله أو نفسه ظلماً، أو صالت عليه بهيمة، فيجوز له ولغيره أن يرد العدوان بالقدر اللازم لدفعه، يبدأ بالأخف فالأخف إن أمكن.. فإن أمكن دفع المعتدي بالكلام لم يستعمل الضرب.. وإن أمكن الدفع بالضرب باليد لم يستعمل السوط.. وإن أمكن الدفع بالسوط لم يستعمل العصا.. وإن أمكن الدفع بقطع عضو حَرُم القتل.. وإن لم يمكن الدفع إلا بالقتل جاز للمدافع القتل ولا ضمان عليه.
وإن تمكن المصول عليه من الهرب وجب عليه ذلك؛ لأن المعتدى عليه مأمور بتخليص نفسه بالأسهل والأهون.
1- قال الله تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [194]} [البقرة:194].
2- وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ». أخرجه أبو داود والترمذي.

.حكم الدفاع عن الغير:

يجوز للمسلم أن يدافع عن غيره، فلولا التعاون لذهبت أموال الناس وأنفسهم.
عَنْ أنَسٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «انْصُرْ أخَاكَ ظَالِماً أوْ مَظْلُوماً». فقال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله، أنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُوماً، أفَرَأيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِماً كَيْفَ أنْصُرُهُ؟ قال: «تَحْجُزُهُ، أوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ». أخرجه البخاري.

.شروط دفع الصائل:

يشترط لجواز دفع الصائل ما يلي:
أن يكون هناك اعتداء.. وأن يقع الاعتداء بالفعل.. ألا يمكن دفع الاعتداء بطريق آخر كرجال الأمن.. أن يدفع الاعتداء بالأخف فالأخف.

.حكم ما أتلفته البهائم:

إذا أتلفت البهائم شيئاً من الزروع ونحوها ليلاً ضمنه صاحبها؛ لأن عليه حفظها ليلاً، وما أتلفته نهاراً لم يضمنه؛ لأن على أهل المزارع حفظها نهاراً، فإن فرط صاحبها ضمن ما أتلفته ليلاً أو نهاراً.

.حكم ما أتلفته السباع والنار:

1- من اقتنى كلباً عقوراً، أو أسداً، أو ذئباً، أو طيراً جارحاً، ثم أطلقه فأتلف شيئاً ضمنه.
2- من أجّج ناراً بملكه، فتعدت إلى ملك غيره بتفريطه، فأتلفت شيئاً ضمنه، لا إنْ طرأت ريح فسيَّرتها فلا ضمان عليه؛ لأنه ليس بفعله ولا تفريطه.

.حكم دهس الحيوانات في الطرق:

يجب حفظ الحيوانات عن الطرق؛ لئلا تعترض السيارات فتَهلك وتُهلك الناس، وتسبب الحوادث المفجعة.
والحيوانات إذا اعترضت الطرق العامة المسفلتة فضربتها سيارة فهلكت فهي هدر لا ضمان على من أتلفها إذا لم يتعد ولم يفرط، وصاحبها آثم بتركها وإهمالها.

.حكم إتلاف المحرمات:

لا ضمان في إتلاف آلات اللهو، وأواني الخمر, والصلبان، والأصنام، وكتب الضلال والمجون، وآلات السحر والشعوذة؛ لأنها محرمة، لا يجوز بيعها ولا الانتفاع بها، لكن يكون إتلافها بأمر الحاكم ورقابته؛ ضماناً للمصلحة، ودفعاً للمفسدة.
ومن أتلفها من دون أمر الإمام عُزِّر؛ لافتياته عليه.
قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [2]} [المائدة:2].

.22- الحَجْر:

الحَجْر: هو منع الإنسان من تصرفه في ماله لسبب شرعي.

.حكمة مشروعية الحجر:

أمر الله عز وجل بحفظ الأموال، وجعل من وسائل ذلك الحجر على من لا يحسن التصرف في ماله كالمجنون، أو في تصرفه وجه إضاعة كالصبي، أو في تصرفه وجه تبذير كالسفيه، أو في تصرفه إضرار بحق الغير كالمفلس الذي أثقلته الديون.
فشرع الله الحجر حفظاً لأموال هؤلاء، ورعاية لمصلحة المحجور عليه بحفظ ماله وحقوقه، ودفعاً للضرر عن الآخرين، وحفظاً لحقوقهم.

.أقسام الحجر:

ينقسم الحجر إلى قسمين:
الأول: حجر لحظ النفس: كالحجر على الصغير والسفيه، والمبذر، والمجنون، من أجل حفظ ماله.
الثاني: حجر لحظ الغير: كالحجر على المفلس من أجل حظ الغرماء، وكالحجر على مريض مَرَض الموت لحظ الورثة.

.حكم الحجر على المفلس:

المفلس: هو مَنْ دَينه أكثر من ماله.
ويجوز للحاكم أن يحجر عليه بطلبٍ من غرمائه، أو بعضهم، ويحرم عليه التصرف في ماله بما يضر غرماءه، ولا ينفذ تصرفه ذلك ولو لم يحجر عليه.

.أحكام المفلس:

1- من كان ماله قدر دينه أو أكثر لم يُحجر عليه، ويؤمر بوفائه، فإن أبى حُبس بطلبٍ من صاحبه، فإن أصر ولم يبع ماله باعه الحاكم وقضاه.
2- من كان ماله أقل مما عليه من الدين الحال فهو مفلس يجب الحجر عليه، وإعلام الناس به؛ لئلا يغتروا به ويحجر عليه الحاكم بطلب غرمائه أو بعضهم.
3- إذا تم الحجر على المفلس انقطع الطلب عنه، وليس له التصرف بماله، فيبيع الحاكم ماله، ويقسم ثمنه بقدر ديون غرمائه الحالة، فإن لم يبق عليه شيء انفك الحجر عنه؛ لزوال موجبه.
4- إذا قسم الحاكم مال المفلس بين غرمائه، انقطعت المطالبة عنه، ولا تجوز ملازمته، ولا يجوز حبسه بهذا الدين؛ بل يُخلَّى سبيله ويُمْهَل إلى أن يرزقه الله، ويسدد ما بقي لغرمائه.

.حكم من وجد متاعه عند المفلس:

من أدرك متاعه بعينه عند إنسان مفلس فهو أحق به.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ أدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ، أوْ إِنْسَانٍ، قَدْ أفْلَسَ فَهُوَ أحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ». متفق عليه.

.ما يُبقي الحاكم للمفلس:

إذا باع الحاكم أموال المفلس من أجل الغرماء، فيجب أن يترك له ما يقوم به معاشه، وما لا غنى له عنه، من بيت يسكنه، ومركوب يركبه في حوائجه، ومال يطعم منه، وإن كان تاجراً تَرك له ما يَتَّجر به.. وإن كان محترفاً ترك له آلة الحرفة.

.الأحكام المترتبة على مال المحجور عليه:

إذا تم الحجر على أحد بسبب الدَّين ترتب على ذلك أربعة أحكام:
أحدها: تعلق حقوق الغرماء بعين ماله.
الثاني: منعه من التصرف في عين ماله.
الثالث: من وجد عين ماله عنده فهو أحق به من غيره.
الرابع: بيع الحاكم ماله، وإيفاء الغرماء حقوقهم.

.حكم حبس المعسر:

من لم يقدر على وفاء دينه لم يطالب به، ويحرم حبسه؛ لأنه معسر، ويجب إنظاره إلى أن يوسر، وإبراؤه مستحب.
1- قال الله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [280]} [البقرة:280].
2- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أُصِيبَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا، فَكَثُرَ دَيْنُهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ» فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لِغُرَمَائِهِ: «خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ، وَلَيْسَ لَكُمْ إِلا ذَلِكَ». أخرجه مسلم.

.فضل إنظار المعسر:

عَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ»، قَالَ: ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ»، قُلتُ: سَمِعْتُكَ يَا رَسُولَ الله تَقُولُ: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ»، ثُمَّ سَمِعْتُكَ تَقُولُ: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ»، قَالَ: «لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ». أخرجه أحمد.

.حكم حبس المدين:

يجب على المدين الموسر وفاء دينه الحالّ، فإن كان معسراً أُمهل إلى وقت اليسار، وإن كان موسراً مماطلاً حبسه الحاكم، فَلَيّ الواجد ظُلم، يُحِلّ عِرضه وعقوبته.
فيشرع حبس المدين الموسر المماطل تأديباً له، ليسارع في وفاء ما عليه من الدين الحال، أما المعسر فله حق الإنظار، والعفو خير وأحسن.
1- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلمٌ، فَإِذَا أُتْبِعَ أحَدُكُمْ عَلَى مَلِيٍّ فَليَتْبَعْ». متفق عليه.
2- وَعَنْ الشَّرِيدِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَيُّ الوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ». أخرجه أبو داود والنسائي.

.شروط حبس المدين:

يشترط لحبس المدين ما يلي:
أن يكون الدين حالاًّ.. وأن يكون المدين قادراً على الوفاء.. وأن يكون مماطلاً.. وأن يكون المدين غير الوالدين.. وأن يطلب صاحب الدين من الحاكم حبس المدين.

.متى يخرج المدين من الحبس:

يخرج المدين من الحبس بواحد مما يلي:
الإعسار.. إبراء الغريم المدين.. وفاء الدين.. رضا الغريم بخروجه من السجن.
وإذا أصر المدين الموسر على الحبس، ولم يوف الدين، باع الحاكم ماله، وقضى دينه، وأخرجه من الحبس.

.حكم سؤال الناس:

يحرم على الإنسان سؤال الناس أموالهم من غير حاجة، ويجوز السؤال عند الحاجة الملجئة إلى السؤال، ومنها:
1- أن يقوم الإنسان لإصلاح ذات البين بين قبائل أو عشائر أو قرى، فيصلح بينهم، ويلتزم في ذمته مالاً عوضاً عما بينهم من دماء، أو خسائر، ليطفئ نار الفتنة.
فهذا قد فعل معروفاً عظيماً، فيباح له السؤال والأخذ بقدر ما غَرِم.
2- من أصابت أمواله آفة سماوية من برد شديد، أو حر شديد، أو غرق، أو حرق ونحو ذلك مما لا صُنع للآدمي فيه.
فهذا تحل له المسألة بقدر كفايته وكفاية من يمونه.
3- من كان غنياً، ثم أصابه الفقر والحاجة.
فهذا تحل له المسألة بقدر كفايته وكفاية من يمونه.
عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الهِلالِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: تَحَمَّلتُ حَمَالَةً، فَأتَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أسْألُهُ فِيهَا، فَقَالَ: «أقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ، فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا». قال: ثُمَّ قال: «يَا قَبِيصَةُ! إِنَّ المَسْألَةَ لا تَحِلُّ إِلا لأَحَدِ ثَلاثَةٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ المَسْألَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٌ أصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ المَسْألَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَاماً مِنْ عَيْشٍ-أوْ قال سِدَاداً مِنْ عَيْشٍ- وَرَجُلٌ أصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلاثَةٌ مِنْ ذَوِي الحِجَا مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أصَابَتْ فُلاناً فَاقَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ المَسْألَةُ، حَتَّى يُصِيبَ قِوَاماً مِنْ عَيْشٍ-أوْ قال سِدَاداً مِنْ عَيْشٍ- فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ المَسْألَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتاً يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتاً». أخرجه مسلم.

.المفلس يوم القيامة:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا المُفْلِسُ؟» قَالُوا: المُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ، فَقَالَ: «إِنَّ المُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي، يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ، قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ». أخرجه مسلم.

.تعلق الدين بالتركة:

الديون المؤجلة تحل بالموت، ويتعلق الدين بعين ماله كتعلق حقوق الغرماء بمال المفلس عند الحجر عليه، وتعلق الدين بالتركة لا يمنع الإرث، فيصح تصرف الورثة ببيع ونحوه، ويلزمهم أداء الدين منه.

.حكم الحجر على المريض مرض الموت:

مرض الموت: هو الذي يغلب بسببه الموت.
ويجوز الحجر على مريض الموت لحق الورثة، فيُحجر على تبرعات المريض فيما زاد عن ثلث التركة كهبة، وصدقة، ووصية، ووقف، وبيع محاباة ونحوه.
وحكم تبرعاته كحكم وصيته، تنفذ من الثلث، وتكون موقوفة على إجازة الورثة في الزائد عن الثلث، وإذا استغرقت الديون جميع تركته حُجر عليه جميع تصرفاته، دون نظر إلى الثلث؛ رعاية لحقوق الغرماء.

.حكم الحجر للمصلحة العامة:

يجوز الحجر للمصلحة العامة؛ لأنه يدفع الضرر الأعلى بالأدنى، ويتحمل الضرر الخاص، لدفع الضرر العام.
فيُحجر على الطبيب الجاهل، والمفتي الماجن، والمكاري المفلس، لأن الطبيب الجاهل يفسد أبدان الناس، والمفتي الماجن يعلم العوام الحيل الباطلة، ويفتي بجهل، والمكاري الذي يؤجر وسائل النقل وليست عنده، فيأخذ أموال الناس، وإذا جاء موعد النقل اختفى، فهو محتال نصاب.
والحجر عليهم يكون بمنعهم عن العمل حساً؛ لئلا يضروا الناس.

.حكم الحجر على السفيه والصغير والمجنون:

يجوز الحجر على السفيه والمبذر، والصغير والمجنون، ولا يحتاج الحجر عليهم للحاكم، ووليهم الأب إن كان عدلاً رشيداً، ثم الوصي، ثم الحاكم، وعلى الولي التصرف بالأحظ لهم.
1- قال الله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا [5]} [النساء:5].
2- وقال الله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء:6].
3- وقال الله تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة:282].

.متى يزول الحجر عن الصغير:

يزول الحجر عن الصغير بأمرين:
البلوغ.. والرشد.
فالبلوغ يحصل بعلامات ست:
منها ما هو مشترك بين الرجل والمرأة وهو الاحتلام، ونبات شعر العانة، وبلوغ خمس عشرة سنة.
ومنها ما هو خاص بالرجل وهو نبات شعر اللحية.
ومنها ما هو خاص بالمرأة وهو الحيض والحَبْل.
فمن وُجدت فيه واحدة من هذه العلامات فهو بالغ.
والرشد: هو حسن التصرف في المال، بأن يعطى مالاً ويُمتحن بالبيع والشراء حتى يُعلم حسن تصرفه.
1- قال الله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء:6].
2- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثلاَثٍ، عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ». أخرجه أبو داود والنسائي.

.متى يزول الحجر عن السفيه والمجنون:

السفيه: هو من يبذِّر ماله، ويصرفه في غير موضعه.
والمجنون: هو من زال عقله.
فإذا عقل المجنون، ورشد السفيه، بأن صار يحسن التصرف في المال فلا يُغبن، ولا يصرفه في حرام، أو في غير منفعة، زال الحجر عنهما، وردت إليهما أموالهما.
وإن استمر الجنون والسفه استمر الحجر عليهما؛ رعاية لمصلحتهما، ودفعاً للضرر عنهما.
قال الله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا [5]} [النساء:5].

.23- الصلح:

الصلح: هو عقد يحصل به قطع النزاع بين المتخاصمين.

.حكمة مشروعية الصلح:

شرع الله الصلح ورغَّب فيه للحفاظ على المودة والإلفة بين المسلمين، والتوفيق بين المتخاصمين، وإزالة الشقاق بينهما، ونبذ الفرقة، واستئصال أسبابها المؤدية إليها.
وبذلك تصفو النفوس، وتزول الأحقاد، وتجتمع القلوب.